لا يزدادون إلا ............!!

[ومع ذلك لا يزدادون إلا .......]
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد؛ إخواني وأخواتي،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكتب هذه الكلمات وأقول: إن هذه الدنيا ليست دار مقر، وإنما هي دار ممر، ومحطة يقف فيها الواقف وقتاً يسيراً ثم بعدها الرحيل، قال الله تعالى: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} (39) سورة غافر
الدنيا تولي مسرعة، فسرعان ما تزول، وضرب الله مثل سرعة زوالها وفنائها في قوله جل وعلا: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا} (45) سورة الكهف
دقات قلب المرء قائلة له … … إن الحياة دقائق وثواني
أما الآخرة فهي قريبة جداً، قال الله تعالى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} (63) سورة الأحزاب. والناس يعلمون أنها قريبة، ومع ذلك لا يزدادون إلا حرصاً على الدنيا، وبعداً عن الله جل وتعالى.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقتربت الساعة، ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصاً، ولا يزدادون من الله إلا بعداً)). رواه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وحسنه الألباني.
فيا من علمت أن الساعة قريبة، كيف لا تستعد لها؟ كيف تحرص على الدنيا وتبتعد عن الله؟
عجباً لنا، الدنيا مدبرة، والآخرة مقبلة، ومع ذلك ننشغل بالمدبرة عن المقبلة كأننا لسنا في الطريق إليها.
قارن بين حالنا وحال السلف الصالح الكرام. يقول أنس بن عياض: رأيت صفوان بن سليم، ولو قيل له: غداً القيامة ما كان عنده مزيد على ما هو عليه من العبادة.
يا الله! فيا عجباً لي ولك، لو قيل لنا أن موعد خروج روحك غداً، هل يسرك أن تلقى الله على حالك التي أنت عليها؟ فلم الضحك واللهو واللعب إذاً؟
قال محمد بن واسع: إذا رأيت رجلاً في الجنة يبكي، ألست تعجب من بكائه؟ قيل: بلى، قال: فالذي يضحك في الدنيا ولا يدري إلى ماذا يصير هو أعجب منه.
أتضحك أيـها العاصي … … ومثلكَ بالبكاء أحرى
وبالحزن الطويـل على … … الذي قــدَّمته أولى
نسيت قبيح ما أسلفـ … … ـت والرحمن لا ينسى
فبادر أيـها المسـكين … … قـبل حلول ما تخشى
بـإقـلاع وإخـلاص … … لـعل الله أن يرضى
ابن آدم يخاف من الفقر، فلو خاف من النار كخوفه من الفقر لكان من أهل الجنة. كما قال يحيى بن معاذ رحمه الله.
فخذ من الدنيا ما يعينك على طاعة الله، وما يكون سبباً في رضا الله عز وجل عنك، وسل الله أن يعينك على أن تستخدمها في طاعته، وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى، وللحديث بقية إن شاء الله. وجزاكم الله خيراً
أخوكم/ محمود الفقي
www.mahmoudalfekey.com