«ويكيليكس» يخترق وثائق الحزب الوطنى

حاول أصحاب موقع «ويكيليكس» اختراق ملفات ووثائق الحزب الوطنى.. خاصة تلك التى تتعلق بالانتخابات البرلمانية الأخيرة.. ولكنهم فشلوا فى الحصول على أى وثيقة.. فالحزب، بسم الله ما شاء الله، لديه شجاعة تكفى الأنظمة السياسية التى فى العالم كله.. فقد نشر الحزب كل وثائقه على الملأ ولم يترك لمتلصص أو نمام فرصة لكى يـُـشمّت فيه الأعادى..

فالحزب ليست لديه أسرار ليخفيها.. فكل شىء تم «على عينك يا تاجر»، وبلا خجل ولا ندم ولا تأنيب ضمير.. وتحت سمع وبصر العالم كله من فضائيات ووكالات أنباء وصحافة.. فقد كانت هناك تسع مجموعات مصرية من مراكز الرصد والمتابعة للانتخابات، بخلاف المجموعات الدولية التابعة للأمم المتحدة وجمعيات حقوق الإنسان بالإضافة إلى آلاف المندوبين الذين لديهم توكيلات رسمية من مرشحيهم، وقد قدمت هذه المجموعات للمحاكم وللرأى العام، كل الوثائق الدالة على تزوير الانتخابات تزويرا شاملا لم يسبق له مثيل من قبل، لا هنا ولا فى أى مكان فى العالم.. وذكرت مراكز الرصد والمتابعة: «إن هذه الانتخابات هى الأقل إقبالا من المواطنين، والأشرس عنفا، والأكثر تزويرا».

فقد شهدت هذه الانتخابات أكبر عدد من القتلى بخلاف مئات المصابين فى حوادث عنف دامية مابين المرشحين وأنصارهم من جهة، وقوات الأمن والمرشحين وأنصارهم من جهة أخرى.. حيث شارك فى أحداث العنف أكبر وأشرس عدد من البلطجية، سواء كانوا بلطجية قطاع عام أو قطاع خاص وكان القتل على الكيف والإصابات حسب الطلب: بالرصاص والسنج والمطاوى والجنازير والسيوف.. لهذا ارتفعت أسعار البلطجية وزادت أسهمهم فى بورصة العنف.. ووصلت لذروتها فى يومى الانتخاب والإعادة لمنع الناخبين من الوصول إلى لجانهم، رغم ضعف المشاركة إلى حدها الأدنى منذ انتخابات عام ١٩٢٤، وشهدت هذه الانتخابات، فى سابقة هى الأولى من نوعها، حرق لجان بالكامل وصناديق اقتراع فارغة و«مليانة».. وصدر فى حق هذه الانتخابات حكم تاريخى من المحكمة الإدارية العليا، قضى بوقف تنفيذ أحكام إعلان نتائج الانتخابات الصادرة من محاكم مجلس الدولة، وهذا معناه بطلان الانتخابات والبرلمان.

وقبل أن يحصل «ويكيليكس» على إحدى الوثائق المهمة بشأن مصير الديمقراطية فى مصر، كانت مجلة «الإكونوميست» البريطانية قد سبقته إليها ونشرتها على الملأ.. حيث قالت فى تقرير مؤشر الديمقراطية ٢٠١٠ الذى يضم ١٦٧ دولة فى جميع أنحاء العالم، منها ٢٢ دولة عربية: «إن مصر تحتل الترتيب الـ(١٣٨) عالميا والـ(١٢) عربيا فى الديمقراطية».. أما مجلة «ترامبيت» الأمريكية فقالت: «إن الانتهاكات التى مارسها الحزب الوطنى فى تزوير الانتخابات، ستكون سببا فى زيادة السخط الشعبى على النظام السياسى فى مصر.. وإن هناك تغيرا فى القيادة المصرية سيكون أسرع مما يتوقع معظم الناس».. وعادت وكالة أنباء «أسوشيتد برس الأمريكية» وأكدت ذلك فقالت: «إن البرلمان الجديد سيلعب دورا مهما فى الانتخابات الرئاسية، التى ستجرى العام المقبل، مؤكدة أن الحكومة المصرية تريد هيئة تشريعية مطيعة»- على حد قولها.

لذلك فإن لصوص الوثائق الذين أطلقهم «ويكيليكس» للسطو على أسرار ووثائق الحزب الوطنى، عادوا له صفر اليدين.. فلم يجدوا فى جراب الحاوى أو خزانة أسرار الحزب الوطنى وثيقة واحدة تغرى بالسرقة.. أو سرا واحدا يدعو للمغامرة.. فقد نجح الحزب فى ألا تكون لديه أسرار ليخفيها..

فكل شىء معلن ومفضوح.. حتى الصفقات المشبوهة التى قيل إنها أبرمت بين الحزب الوطنى والمعارضة، للإنعام عليهم بمقاعد الإخوان حتى وثائق هذه الصفقة اتضح أنها مضروبة ولو نشرها «ويكيليكس» لكانت فضيحة، فالحزب الوطنى ضحك على جميع أحزاب المعارضة وباع لهم الترام والعتبة الخضراء.. بعد أن دفعت هذه الأحزاب ثمنا باهظا للحصول على هذه المقاعد وقد خصمت هذه الفواتير من سمعة ومصداقية وشرف هذه الأحزاب.. وهذا ما سيؤدى إلى مزيد من الانشقاقات بداخلها وإضعافها.. وبالتالى يسهل استخدامها، وهى واهنة مهلهلة فى انتخابات الرئاسة المقبلة، فقد قايض الحزب الوطنى أحزاب المعارضة على الوقوف إلى جواره والتحالف معه، لضرب كتلة الإخوان من جهة.. والقضاء على مشروع (البرادعى) وأحلام التغيير، التى راودت الناس من جهة أخرى.. فى مقابل نسبة محدودة من مقاعد المجلس.. لكن للأسف، نفّذت أحزاب المعارضة وعودها ورفضت مقاطعة الانتخابات وتحالفت مع الوطنى..

ولكن الوطنى خذلها وباع الأحزاب كلها.. فعادت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فى انتخابات الإعادة لكن بعد فوات الأوان وبعد أن كان الحزب الوطنى قد اغتصب برلمان الأمة المصرية بالقوة الغاشمة.. أما «ويكيليكس» ،فقد (طلع نقبه على شونه).. فحزبنا الوطنى صريح ولا يخفى عن الشعب أى شىء ولا يهمه رأى عام عالمى أو محلى ولا يمتثل لحكم دستورى ولا إدارى.. فإذا لم تستحِ فافعل ما شئت.
(محمد بغدادى)